الأخبار :: كرمالي ... شيخ المدربين - بي بولا Bebola



كرمالي ... شيخ المدربين

21-01-2020       |        عدد المشاهدات : 867

الشيخ كرمالي واحد من الذين صنعوا أمجاد فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم من 1958 إلى الاستقلال رفقة ابن مدينته وأخيه وصديقه المرحوم مختار عريبي، دون أن ننسى النجم رشيد مخلوفي والأخوين سوكان وزوبا وبوشوك والقائمة طويلة، حيث طاف هؤلاء القارات الخمس وسجلوا أسماءهم بحروف من ذهب وساهموا في التعريف بالثورة الجزائرية في تلك الفترة الساخنة ما بين الجزائر وفرنسا. وقد كان عبد الحميد كرمالي نجم زمانه ولاعب من الطراز العالي، إلى أن حققت الجزائر استقلالها، فكان واحدًا من الذين بنوا صرح الكرة الجزائرية كلاعب في اتحاد سطيف والوفاق، ثم مدربا بعين الفوّارة إلى أن أسندت له مهمة الإشراف على تدريب الوفاق والاتحاد، ثم تنقل إلى المولودية ليصبح مدربا لعميد الأندية الجزائرية أين سجل معها أروع النتائج.

 

الشيخ عبد الحميد كرمالي.. مجاهد توّجته الكرة بطلا من الطراز العالي، تعتبر كلها محطات في تاريخ هذا الرجل سواء مع فريق جبهة التحرير الوطني أو الفريق الوطني بعد الاستقلال، وبعد هذه الإنجازات التاريخية والميدانية تقلد شيخ المدربين الجزائريين عدة مسؤوليات كمدرب وطني للأكابر والأواسط والفريق الوطني العسكري، وسجل مع هذه المنتخبات ألقابا عديدة وخرج على يديه الكثير من النجوم على غرار ماجر، صالحي عبد الحميد وآخرون كثيرون لذلك، يبقى عبد الحميد كرمالي نجم المدربين الجزائريين منذ الاستقلال إلى اليوم ، حيث تتلمذ في مدرسته كبار المدربين الجزائريين وعلى رأسهم الشيخ رابح سعدان وغيره من المدربين الشباب الذين يقودون حاليا أغلب الأندية وفي جميع الأقسام، لذلك يبقى كرمالي دائما رمزا من رموز الكرة الجزائرية دون منازع نظرا لأجندته المليئة بالإنجازات التي تبقى شاهدة على المحطات التي مرّ بها منذ مداعبته الكرة وإلى اعتزاله الملاعب، لكن حبه وعشقه للكرة المستديرة لا زال يجري في عروقه.

 

ولد عبد الحميد كرمالي يوم 24 أفريل 1931 بمدينة سطيف، وسط عائلة كانت تعيش ظروفا صعبة، خاصة بعد وفاة والده خلال الحرب العالمية الثانية وعمره لا يتعدى 6 سنوات فقط، وبسبب الظروف القاسية لم يتمكن عبد الحميد من الذهاب بعيدا في دراسته، ولم يكن آنذاك أي فرد من العائلة يتوقع أن يرى عبد الحميد يداعب الكرة في يوم من الأيام ويلعب لفرق شهيرة، لكن حبه للساحرة المستديرة كان منذ طفولته، فمارس الكرة في أزقة سطيف رفقة أصدقائه بالأحياء الشعبية.

 

تمّ اكتشافه من طرف ثلاثة أشخاص كانوا يبحثون في الأحياء الشعبية بمدينة سطيف على المواهب الشابة، إلى أن حطت أعينهم على الموهوب إبن مدينة عين الفوارة، وأسماؤهم هي بن عودة (لياص) عبيد، وعبد القادر لخليف، الذين كانوا دوما يتجولون في أحياء الهواء الطلق طنجة (حي يحياوي)، المحطة، ووسط المدينة أين كانت تسكن عائلة كرمالي.

 

بعد الوضعية الصعبة التي عاشها بعد توقيفه من اللعب لمدة سنتين في الجزائر، فضّل الذهاب إلى فرنسا، وكان له ذلك فحط الرحال بمدينة ميلوز وعمره 19 عاما، فأمضى بعض الوقت هناك ثم عاد إلى الجزائر ولعب مرة أخرى مع اتحاد الجزائر الذي لم يبق فيه لمدة طويلة، حيث عاد إلى ميلوز ليبدأ مرحلة جديدة في حياته الكروية، حيث لعب في فريق كان إلى جانب المرحوم مختار عريبي ومصطفى زيتوني، وبعد مدة في كان انتقل للعب في أولمبيك ليون، خاصة وأن هذه المدينة كانت تعج بالجزائريين الذين يتوافدون على الملعب بكثرة لرؤية هذا النجم القادم من عين الفوارة، لتنتهي مسيرته الكروية بفرنسا في أفريل 1956. التحاقه بفريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم التحق عبد الحميد كرمالي بفريق الجبهة يوم 13 أفريل 1958 بالعاصمة التونسية مشكلا من نجوم البطولة الفرنسية أبرزهم رشيد مخلوفي، مصطفى زيتوني، المرحوم مختار لعريبي وقد ترك كل ما لديه بليون من مال وشهرة وبطولة، ليتفرغ لمخطط الجبهة، وكانت الرحلة شاقة ومليئة بالمخاطر، عبر سويسرا وإيطاليا ومن ثم الالتحاق بتونس. وتتواصل رحلة الكفاح من أجل تحرير الجزائر عبر القارات، على غرار الصين، العراق، مصر، يوغسلافيا، وغيرها من البلدان التي كانت واقفة بجانب القضية الجزائرية العادلة وهو تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي. سجله الذهبي عبد الحميد كرمالي ، أمضى سنوات تاريخية مع فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم، الذي لعب له العشرات من المباريات ضد منتخبات عالمية وكان واحدا من الذين أمطروا شباك الأندية والمنتخبات وأمام فرق كانت توصف بأن وزنها ثقيل. وفي نهاية الخمسينات وبداية الستينات، سجل عبد الحميد كرمالي عندما كان نجو أولمبيك ليون مباراة لعبها مع هذا الفريق في القسم الأول للبطولة الفرنسية، وكان مهاجما من الطراز العالي، مركزه الجناح الأيمن (الجناح الطائر). بعد الاستقلال عاد إلى الفريق الذي تربى فيه وبدأ معه، إنه اتحاد سطيف، ثم لعب للوفاق الذي نال معه أول كأس عبد الاستقلال وكان صاحب أول هدف في أول كأس بعد تسجيله لهدف إثر كرة ثابتة ضد ترجي مستغانم الذي نشط أول نهائي للجمهورية الجزائرية بعد الاستقلال مع الوفاق السطايفي دخل نجم فريق الجبهة ونجم الكرة الجزائرية عالم التدريب، حيث أشرف على عدة فرق، منها ترجي مستغانم، مولودية الجزائر، الوفاق، وفريق الوطني الأواسط الذي وصل به إلى أعلى المراتب عالميا، كمدرب خارج الديار، الاتحاد الليبي، مرسى تونس ورأس الخيمة الاماراتي، دون أن ننسى المحاضرات التي ألقاها هنا وهناك في المجال الكروي. أفضل إنجاز للشيخ كرمالي منذ الاستقلال والفريق الوطني يشارك في كأس أمم إفريقيا وأشرف على الخضر أكثر من مدرب على غرار خالف، معوش، خباطو، لموي، وغيرهم من المدربين المعروفين ما عدا مخلوفي الذي أهدى للجزائر ميداليتين ذهبيتين ألعاب المتوسط 1975 والألعاب الإفريقية 1976، في حين تمكن كرمالي سنة 1990 من كسب التاج القاري لأمم إفريقيا الوحيد في تاريخ الكرة الجزائرية، ليبقى شاهدا على عظمة الرجل وقدرته على تحمل مجال التدريب باقتدار. كرمالي يبقى رمزا متميزا في سماء الكرة الجزائرية وبعد إهدائه الجزائر أول كأس قارية عام 1990، لم يتوقف عن النشاط الرياضي، وحتى تقدمه في السنّ لم يمنعه من الإسهام من أجل تنوير الشباب وتدعيم الكرة الجزائرية عامة والخضر خاصة، لأنه كما قال ونحن نتحدث معه ذات يوم فإنّ الحنين إلى الكرة المستديرة لا زال يسري في عروقه، لأنه يتذكر أيام الزمن الجميل حين كان شابا مع الرفقاء في قلب فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم، والفرق المدنية، ليبقى كرمالي رمزا متميزا عن بقية المدربين نظرا لشعبيته وتواضعه، إنه رجل التحديات، وهذا باعتراف السياسيين والرياضيين وكل الذين عايشوه، فليبقى رمز الذاكرة الكروية الجزائرية التي أدخلها في سجل القارة السمراء عام 1990 كما تمنى. في يوم 13 افريل 2013 توفي شيخ المدربين عن عمر يناهز 82 سنة